تطريز الله  

 

عندما كنت طفلا صغيرا، كانت والدتي تقضي معظم أوقات الفراغ بالتطريز وشغل الكانفا وغيرها من أشغال الصنارة. وأثناء شغلها هذا، كنت أنا، غالبا ما العب بجوارها على الأرض.

ذات يوم، وبعد أن بلغت الثالثة من عمري ، كانت أمي تقوم بشغل لوحة كانفا من الصوف، وأنا آنذاك جالسا على الأرض العب بجوار قدميها. إلتفتت الى أمي وسألتها ماذا تفعلين يا ماما ؟ أخبرتني بأنها تعمل في كانفا جميلة جدا.

 نظرت من أسفل الى قطعة الكانفا التي كانت في يدها، وبدت لي مشربكة للغاية والخيطان داخلة بعضها ببعض، ومنظرها سيء للغاية. 

حينئذ إشتكيت لها عن الأمر... إبتسمت والدتي وقالت لي بصوت مليء بالحنان، أذهب يا أبني العب قليلا وحين أنتهي من التطريز هذا، فأني سأدعوك لتأتي وتجلس على ركبتي، وتنظر إلى ما انا أفعله، من الناحية التي أراها أنا. 

مضى بعض الوقت، ثم سمعت صوت والدتي تناديني لأنظر إلى ما كانت تعمله. أجلستني والدتي على ركبتيها، وارتني لوحة الكانفا التي كانت تعملها. فنظرت وإذا بزهرة رائعة جدا بألوانها الجميلة. وكدت لا أصدق ما أنظر، لأن نفس هذه الزهرة كان منظرها قبيح جدا من الظهر، وهي مليئة بالخيطان المشربكة من كل لون وصوب.

سألت والدتي، كيف إستطعتي يا ماما عمل كانفا جميلة كهذه .... رأت والدتي علامات الإندهاش والتعجب بادية على وجهي... فقالت لي، يا إبني، إن الذي لم تعرفه عن هذه الكانفا هو، أنه كان عليها رسمة الزهرة ، ولكن لم تكن مشغولة بعد، فأخذت أنا أتبع تلك الرسمة، واضعة الخيطان في المكان المناسب، وهكذا استطعت أن أعمل منها لوحة جميلة كالتي تنظرها...

 

أخي وأختي، كثيرا ما نرفع أعيننا الى السماء ونقول له... يا رب ماذا تفعل؟ فيجيب الرب ويقول لك: إنني أطرز حياتك...

 

فتقول له، ولكن ها كل شي في حياتنا مشربك، ويبدو وكأن لا معنى له، فالأيام صعبة ومرة ... فيجيبك الرب ويقول ... يا أبني، إذهب أنت واهتم بعملي على الأرض، وتمم إرادتي، ويوما من الأيام سأدعوك الى ههنا، فتجلس في حضني، وأريك تطريزي لحياتك من ناحيتي أنا... فحينئذ تعي خِطتي وتفهم مقاصدي...

 

قصة يومية من الموقع الرسمى لنيافة الأنبا مرقس

 رقم الانترنت الكنسي المجاني

 07773330

عائد هذا الرقم مخصص لدعم خدمة الانترنت الكنسي